كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والثاني: الإخفاء والتعمية والمحو، لأن الله سبحانه يمحو ويطمس رسومها ويكدّر نجومها.
وقيل: السجل اسم ملك، وهو الذي يطوي كتب بني آدم.
وقيل: هو اسم كاتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والأول أولى.
قرأ الأعمش وحفص وحمزة والكسائي ويحيى وخلف: {للكتب} جمعًا، وقرأ الباقون: {للكتاب} وهو متعلق بمحذوف حال من {السجل} أي كطيّ السجل كائنًا للكتب أو صفة له أي الكائن للكتب، فإن الكتب عبارة عن الصحائف وما كتب فيها، فسجلها بعض أجزائها، وبه يتعلق الطيّ حقيقة.
وأما على القراءة الثانية فالكتاب مصدر، واللام للتعليل، أي كما يطوي الطومار للكتابة، أي ليكتب فيه، أو لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة، وهذا على تقدير أن المراد بالطيّ المعنى الأول، وهو ضدّ النشر {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} أي كما بدأناهم في بطون أمهاتهم وأخرجناهم إلى الأرض حفاة عراة غرلًا كذلك نعيدهم يوم القيامة، فأوّل خلق مفعول نعيد مقدّرًا يفسره نعيده المذكور، أو مفعول لبدأنا، وما كافة أو موصولة، والكاف متعلقة بمحذوف، أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده، وعلى هذا الوجه يكون أوّل ظرف لبدأنا، أو حال، وإنما خص أوّل الخلق بالذكر تصويرًا للإيجاد عن العدم، والمقصود بيان صحة الإعادة بالقياس على المبدأ للشمول الإمكاني الذاتي لهما، وقيل معنى الآية: نهلك كلّ نفس كما كان أوّل مرّة، وعلى هذا فالكلام متصل بقوله: {يَوْمَ نَطْوِي السماء}.
وقيل: المعنى نغير السماء، ثم نعيدها مرّة أخرى بعد طيها وزوالها، والأول أولى، وهو مثل قوله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 94].
ثم قال سبحانه: {وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فاعلين} انتصاب {وعدًا} على أنه مصدر أي وعدنا وعدًا علينا إنجازه والوفاء به.
وهو البعث والإعادة، ثم أكد سبحانه ذلك بقوله: {إِنَّا كُنَّا فاعلين}.
قال الزجاج: معنى {إنا كنا فاعلين}: إنا كنا قادرين على ما نشاء.
وقيل: إنا كنا فاعلين ما وعدناكم، ومثله قوله: {كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} [المزمل: 18].
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا في الزبور} الزبر في الأصل: الكتب، يقال: زبرت، أي كتبت، وعلى هذا يصح إطلاق الزبور على التوراة والإنجيل، وعلى كتاب داود المسمى بالزبور.
وقيل: المراد به هنا: كتاب داود، ومعنى {مِن بَعْدِ الذكر} أي اللوح المحفوظ.
وقيل: هو التوراة، أي والله لقد كتبنا في كتاب داود من بعد ما كتبنا في التوراة أو من بعد ما كتبنا في اللوح المحفوظ {أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون}.
قال الزجاج: الزبور جميع الكتب: التوراة والإنجيل والقرآن، لأن الزبور والكتاب في معنى واحد، يقال: زبرت وكتبت، ويؤيد ما قاله قراءة حمزة في الزبور بضم الزاي، فإنه جمع زبر.
وقد اختلف في معنى {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون} فقيل: المراد: أرض الجنة، واستدل القائلون بهذا بقوله سبحانه: {وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض} [الزمر: 74].
وقيل: هي الأرض المقدسة.
وقيل: هي أرض الأمم الكافرة يرثها نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته بفتحها.
وقيل: المراد بذلك: بنو إسرائيل، بدليل قوله سبحانه: {وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مشارق الأرض ومغاربها التي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137] والظاهر أن هذا تبشير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم بوراثة أرض الكافرين، وعليه أكثر المفسرين.
وقرأ حمزة: {عبادي} بتسكين الياء، وقرأ الباقون بتحريكها.
{إِنَّ فِي هذا لبلاغا} أي فيما جرى ذكره في هذه السورة من الوعظ والتنبيه {لبلاغًا}: لكفاية، يقال: في هذا الشيء بلاغ وبلغة وتبلغ، أي كفاية.
وقيل: الإشارة بقوله: {إِنَّ فِي هذا} إلى القرآن {لّقَوْمٍ عابدين} أي مشغولين بعبادة الله مهتمين بها.
والعبادة هي: الخضوع والتذلل، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ورأس العبادة الصلاة.
{وما أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين} أي وما أرسلناك يا محمد بالشرائع والأحكام إلا رحمة لجميع الناس، والاستثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال والعلل، أي ما أرسلناك لعلة من العلل إلا لرحمتنا الواسعة، فإن ما بعثت به سبب لسعادة الدارين، قيل: ومعنى كونه رحمة للكفار: أنهم أمنوا به من الخسف والمسخ والاستئصال، وقيل: المراد بالعالمين: المؤمنون خاصة، والأول أولى بدليل قوله سبحانه: {وما كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33].
ثم بيّن سبحانه أن أصل تلك الرحمة هو التوحيد والبراءة من الشرك فقال: {قُلْ إِنَّمَا يوحى إلى أَنَّمَا إلهكم إله واحد} إن كانت ما موصولة فالمعنى: أن الذي يوحى إلى هو أن وصفه تعالى مقصور على الوحدانية لا يتجاوزها إلى ما يناقضها أو يضادّها، وإن كانت ما كافة فالمعنى: أن الوحي إلى مقصور على استئثار الله بالوحدة، ووجه ذلك أن القصر أبدًا يكون لما يلي إنما، فإنما الأولى لقصر الوصف على الشيء كقولك: إنما يقوم زيد، أي ما يقوم إلا زيد.
والثانية لقصر الشيء على الحكم كقولك: إنما زيد قائم، أي ليس به إلا صفة القيام {فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ} منقادون مخلصون للعبادة ولتوحيد الله سبحانه.
{فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي أعرضوا عن الإسلام {فَقُلْ} لهم {آذنتكم على سَواء} أي: أعلمتكم أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا كائنين على سواء في الإعلام لم أخصّ به بعضكم دون بعض كقوله سبحانه: {وَإِمَا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سَواء} [الأنفال: 58] أي أعلمهم أنك نقضت العهد نقضًا سوّيت بينهم فيه.
وقال الزجاج: المعنى: أعلمتكم ما يوحى إلى على استواء في العلم به، ولا أظهر لأحد شيئًا كتمته على غيره {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} أي ما أدري أما توعدون به قريب حصوله أم بعيد، وهو غلبة الإسلام وأهله على الكفر وأهله؛ وقيل: المراد بما توعدون: القيامة.
وقيل: آذنتكم بالحرب ولَكِن لا أدري ما يؤذن لي في محاربتكم {إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر مِنَ القول وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} أي يعلم سبحانه ما تجاهرون به من الكفر والطعن على الإسلام وأهله وما تكتمونه من ذلك وتخفونه {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ} أي ما أدري لعلّ الإمهال فتنة لكم واختبار ليرى كيف صنعكم {ومتاع إلى حِينٍ} أي وتمتيع إلى وقت مقدّر تقتضيه حكمته.
ثم حكى سبحانه وتعالى دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {قَالَ رَبّ احكم بالحق} أي احكم بيني وبين هؤلاء المكذبين بما هو الحق عندك ففوّض الأمر إليه سبحانه.
وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وابن محيصن: {رب} بضم الباء.
قال النحاس: وهذا لحن عند النحويين لا يجوز عندهم: رجل أقبل، حتى يقول: يا رجل.
وقرأ الضحاك وطلحة ويعقوب: {أحكم} بقطع الهمزة وفتح الكاف وضم الميم، أي قال محمد: ربي أحكم بالحقّ من كل حاكم.
وقرأ الجحدري: {أحكم} بصيغة الماضي، أي أحكم الأمور بالحق.
وقرئ: {قل} بصيغة الأمر، أي قل يا محمد.
قال أبو عبيدة: الصفة هنا أقيمت مقام الموصوف، والتقدير: ربّ احكم بحكمك الحق، {وربّ} في موضع نصب، لأنه منادى مضاف إلى الضمير، وقد استجاب سبحانه دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم فعذبهم ببدر، ثم جعل العاقبة والغلبة والنصر لعباده المؤمنين والحمد لله ربّ العالمين.
ثم قال سبحانه متممًا لتلك الحكاية: {وَرَبُّنَا الرحمن المستعان على مَا تَصِفُونَ} من الكفر والتكذيب، فـ: {ربنا} مبتدأ وخبره {الرحمن} أي هو كثير الرحمة لعباده، {المستعان} خبر آخر، أي المستعان به في الأمور التي من جملتها ما تصفونه من أن الشوكة تكون لكم، ومن قولكم: {هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} [الأنبياء: 3] وقولكم: {اتخذ الرحمن وَلَدًا} [مريم: 88] وكثيرًا ما يستعمل الوصف في كتاب الله بمعنى الكذب كقوله: {وَلَكُمُ الويل مِمَا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18]، وقوله: {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ} [الأنعام: 139] وقرأ المفضل والسلمي: {على ما يصفون} بالياء التحتية.
وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب.
وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد، وأبو داود في ناسخه، وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: لما نزلت {إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} قال المشركون: فالملائكة وعيسى وعزير يعبدون من دون الله، فنزلت: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} عيسى وعزير والملائكة.
وأخرج ابن مردويه، والضياء في المختارة عنه قال: جاء عبد الله بن الزبعري إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية: {إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} قال ابن الزبعري: قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا، فنزلت:
{وَلَمَا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُواْ أآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 57، 58].
ثم نزلت: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والطبراني من وجه آخر عنه أيضًا نحوه بأطول منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى} قال: «عيسى وعزير والملائكة».
وأخرج ابن جرير عنه أيضًا في قوله: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} قال: شجر جهنم، وفي إسناده العوفي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه من وجه آخر أن {حَصَبُ جَهَنَّمَ} وقودها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضًا قال: هو حطب جهنم بالزنجية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا} قال: «حيات على الصراط تقول حس حس» وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي في قوله: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا} قال: حيات على الصراط تلسعهم، فإذا لسعتهم قالوا: حس حس.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن محمد بن حاطب قال: سئل على عن هذه الآية: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى} قال: هو عثمان وأصحابه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا} يقول: لا يسمع أهل الجنة حسيس النار إذا نزل منزلهم من الجنة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر} قال: النفخة الآخرة، وفي إسناده العوفي.
وأخرج أحمد، والترمذي وحسنه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة: رجل أمّ قوما وهم به راضون، ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة. وعبد أدّى حق الله وحقّ مواليه» وأخرج عبد بن حميد عن على في قوله: {كَطَيّ السجل} قال: ملك.
وأخرج عبد بن حميد عن عطية مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: السجل ملك، فإذا صعد بالاستغفار قال: اكتبوها نورًا.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي جعفر الباقر قال: السجل ملك.
وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، وابن منده في المعرفة، وابن مردويه، والبيهقي في سننه وصححه عن ابن عباس قال: السجل كاتب للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر وابن عديّ وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يسمى: السجل، وهو قوله: {يَوْمَ نَطْوِي السماء كَطَىّ السجل} قال: كما يطوي السجل الكتاب كذلك نطوي السماء.
وأخرج ابن المنذر، وأبو نعيم في المعرفة وابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عمر قال: كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم كاتب يقال له: السجل، فأنزل الله: {يَوْمَ نَطْوِي السماء كَطَيّ السجل}.
قال ابن كثير في تفسيره بعد إخراج هذا الحديث: وهذا منكر جدًّا من حديث نافع عن ابن عمر، لا يصح أصلًا.
قال: وكذلك ما تقدّم عن ابن عباس من رواية أبي داود وغيره لا يصح أيضًا.
وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه، وإن كان في سنن أبي داود منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج وقد أفردت لهذا الحديث جزءًا له على حدة، ولله الحمد.
قال: وقد تصدّى الإمام أبو جعفر ابن جرير للإنكار على هذا الحديث وردّه أتمّ ردّ، وقال: ولا نعرف في الصحابة أحدًا اسمه سجلّ، وكتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم كانوا معروفين، وليس فيهم أحد اسمه السجل.
وصدق رحمه الله في ذلك وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث.
وأما من ذكر في أسماء الصحابة هذا فإنما اعتمد على هذا الحديث لا على غيره والله أعلم.
قال: والصحيح عن ابن عباس: أن السجلّ هو الصحيفة، قاله على بن أبي طلحة والعوفي عنه.
ونصّ على ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير لأنه المعروف في اللغة، فعلى هذا يكون معنى الكلام: يوم نطوي السماء كطيّ السجلّ للكتاب أي: على الكتاب، يعني المكتوب كقوله: {افلما أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103]، أي: على الجبين، وله نظائر في اللغة والله أعلم.
قلت: أما كون هذا هو الصحيح عن ابن عباس فلا، فإن على بن أبي طلحة والعوفيّ ضعيفان، فالأولى التعويل على المعنى اللغوي والمصير إليه.
وقد أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال: {السجل} هو الرجل، زاد ابن مردويه: بلغة الحبشة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في تفسير الآية قال: كطيّ الصحيفة على الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} يقول: نهلك كل شيء كما كان أوّل مرّة.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبور مِن بَعْدِ الذكر} قال: القرآن {أَنَّ الأرض} قال: أرض الجنة.